وقال السلمان: إن السلطة سنت سنةً خبيثةً تتمثل في التعدي على المساجد ودور العبادة وهدمها وحرقها واستهدافها في البحرين، فتاريخ الطائفتين الكريمتين في البلاد بعيدًا كل البعد عن التشدد والغلو والتطرف والوحشية. وأكبر دلالةٍ على ذلك هو احتضان الأهالي من الطائفتين في العاصمة المنامة بكل تسامحٍ ومحبةٍ للكنائس والمساجد ودور العبادة للأديان المتنوعة في البحرين. وأضاف السلمان: إن السجية النفسية والطبيعة الاجتماعية والسعة الثقافية والبيئة التربوية للمواطنين تعصمهم من الانزلاق في ممارسات الإرهاب والعنف وممارسة الجرائم بحق المختلف دينيًا أو إثنيًا أو عرقيًا. وما المدارس التكفيرية والتهديدات “الداعشية” والثقافة القمعية وهدم المساجد ودور العبادة إلا حالةً وافدةً على الوطن تجذرت وبدأت بالنمو في مدةٍ زمنيةٍ قياسيةٍ منذ إقدام السلطة على هدم ثمانيةً وثلاثين مسجدًا من مساجد المسلمين الشيعة. وقال: من الطبيعي جدًا للشعب أن يعتبر أي استهدافٍ جديدٍ على المساجد المسجلة في الأوقاف الجعفرية امتدادًا لسنةٍ خبيثةٍ وأجنبيةٍ عن السجية الوطنية والتي سنتها السلطة عام ٢٠١١م بهدمها ثمانيةً وثلاثين مسجدًا في ما اعتبره البروفسور شريف بسيوني رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق” انتقامًا من طائفةٍ بعينها”.
معاداة الشيعة Anti-Shi’ism
وأضاف الشيخ ميثم السلمان: وقد أسهم الإعلام الرسمي وشبه الرسمي (أي الممول حكوميًا) بصورةٍ مباشرةٍ وغير مباشرةٍ في نشر ثقافة معاداة الشيعة Anti-Shi’ism- خلال فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ، فأصبح الإعلام بذلك يبث سمومه الطائفية ويعزز الكراهية باستمرار. علمًا بأن البحرين لا يوجد فيها إلا صحيفةً مستقلةً واحدةً وذلك وفقًا لتقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
وقد امتدت حملة التحريض على الكراهية الطائفية إلى إعلام الدول الخليجية المجاورة التي شاركت الإعلام الرسمي وشبه الرسمي في البحرين في التأليب على المكون الشيعي عن طريق التكفير، والتخوين، ونعتهم بالصفويين، واتهامهم بعدم الوطنية وغيرها من الصفات المهينة التي تعتبر في العرف الدولي مصداقًا “للازدراء الديني والنوعي“.
ولفت السلمان إلى أن ثقافة التعصب الديني تنمو في المجتمعات التي تقوم فيها فئةٌ مجتمعيةٌ برفض التسامح مع فئةٍ أخرى على أساس خلفيةٍ دينية ٍوليس على أساس خلفيةٍ اجتماعيةٍ أو سياسيةٍ أو ذوقيةٍ. وقد ساهمت السلطةُ بصورةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ -للأسف الشديد- في تعزيز هذه الثقافة التي أدت إلى تمزيق اللحمة الوطنية وبث الكراهية بين الطائفتين.
نمو التطرف في البحرين
وأضاف السلمان: وعلاوةً على ذلك فقد خلقت هذه السياسة بيئةً ملائمةً لنمو التطرف والأيديولوجيات التكفيرية والمتشددة في البحرين، مؤكدًا أن أعلام تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” قد رُفعت لمراتٍ عديدةٍ وفي تجمعاتٍ عامةٍ من قبل المتطرفين دون محاسبةٍ أو مساءلةٍ.
وقال السلمان: يُعدّ هذا تطورًا لافتًا في جرأة المتطرفين، ومؤشرًا واضحًا على أن الجماعات المتطرفة المحلية قد عززت مواقعها داخل الشبكات الاجتماعية والسياسية، كما امتد نفوذها لمستوىً قد يمنع تدخل الأجهزة الرسمية في أنشطتها ويحدّ من قدرتها على السيطرة عليها. وقد أثبتت الوقائع أن ثقافة التعصب الديني التي ساهمت ساعدت على تحويل البحرين إلى بيئةٍ نموذجيةٍ للأيديولوجيات المتطرفة بخلاف تاريخها المتسامح، وقد أسهم تجنيس آلافٍ بصورة عشوائية من البلدان التي تنشط فيها التنظيمات المتطرفة مثل باكستان، واليمن، وسوريا في المساهمة في انتشار التطرف بصورةٍ غير مباشرةٍ.
وقال السلمان: وقد دفعت ثقافة التعصب الديني أكثر من سبعين رجلَ دينٍ موالٍ للسلطة لمناهضة بناء كنائسَ في البحرين بحجة تحريم بناء الكنائس في شبه الجزيرة العربية، ويعد ذلك مخالفًا لما عُرف عن البحرين وأهلها من انفتاح على التعدديات الثقافية والتنوعات الدينية والمذهبية. إذ كانت البحرين المثال الأجمل والنموذج الأرقى بين دول الخليج العربي للعلاقة الطيبة بين المسجد والكنيسة.
ختاما دعا السلمان السلطة لتحمّل مسئوليتها الوطنية والتاريخية في تقديم الجهات المتورطة في جريمة هدم المساجد غير القانونية للمحاكمة العادلة وإعادة بناء جميع المساجد في مواقعها الأصلية.
المصدر
الوفاق