«ولد علي بن الحسين عليهما السلام، نهار الخميس، الخامس من شعبان المكرم في سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، في أيام جده علي بن أبي طالب عليه السلام قبل شهادته بسنتين»(1).
أمه:
شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى ويسمونها أيضا شاه زنان، وكان أمير المؤمنين عليه السلام سماها مريم، ويقال: سماها فاطمة، وقيل انه عليه السلام أوصى الإمام الحسين بها قائلا: «وأحسن إلى شهربانويه فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك» وقال في مناسبة أخرى «وهي أم الأوصياء، الذرية الطاهرة»(2).
وقد أشاد المؤرخون بها فقال المبرد: «كانت شاه زنان من خيرة النساء»(3). وقال ابن شدقم: «كانت شاه زنان ذات فضل كبير»(4)، وقال الحافظ محمد بن يوسف الكنجي: «لقد جعل الله تبارك وتعالى الأئمة من نسل الحسين من بنت كسرى دون سائر زوجاته»(5).
ألقابه عليه السلام:
زين العابدين، والسجاد، وذو الثفنات، والبكّاء، والعابد، من أشهرها زين العابدين، وبه كان يعرف. وقد جاء في المرويات عن الزهري أنه كان يقول: «ينادي مناد يوم القيامة ليقم سيد العابدين في زمانه فيقوم علي بن الحسين عليه السلام ولقب بذي الثفنات لأن موضع السجود منه كانت كثفنة البعير من كثرة السجود عليه(6).
أولاده:
روى الشيخ المفيد أن لعلي زين العابدين عليه السلام خمسة عشر بين ذكر وأنثى. أحد عشر ذكراً وأربع بنات(7). أكبرهم سناً وقدراً الإمام محمد بن علي الملقب بـ«الباقر». أمه فاطمة بنت الإمام الحسن عليه السلام أولدت له أربعة هم: الحسن والحسين ومحمد الباقر وعبدالله وبه كانت تكنى.
ومما يبدو أن أكبر أولاده محمد الباقر ولد له سنة سبع وخمسين هجرية وكان له من العمر عندما استشهد جده الحسين عليه السلام في كربلاء ثلاث سنوات.
وله من الذكور أيضاً زيد وعمر وأمهما أم ولد.
والحسين الأصغر، وعبدالرحمن وسليمان أمهم أم ولد.
ومحمد الأصغر وعلي الأصغر وكان أصغر أولاده الذكور.
وخديجة وفاطمة وعليّة وأم كلثوم أمهن أم ولد.
عبادته:
لقد أجهد الإمام نفسه إجهاداً كبيراً، وحملها من أمره رهقاً من كثرة عبادته وعظيم طاعته. وقد أجمع المؤرخون أنه قد قضى معظم حياته صائماً نهاره، قائماً ليله حتى وصل بعبادته وتهجّده وتخضعه إلى درجة الفناء الكامل في الله…
يقول مالك بن أنس: كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى مات، ولقّب بزين العابدين لكثرة عبادته وحسنها.(8)
وروى ابن عبد ربّه الحالة التي تعتريه في الصلاة بقوله: «وكان عليّ بن الحُسين إذا قام للصلاة أخذتْه رِعْدةٌ، فسُئِل عن ذلك، فقال: وَيحْكم! أَتَدْرُون إلى من أَقُوم ومَن أُرِيد أن أُناجي؟».(9)
من كلماته عليه السلام:
●قال (عليه السلام): من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.
●قيل للإمام السجاد من أعظم الناس خطرا فقال (عليه السلام): من لم ير الدنياخطرا لنفسه.
●قال (عليه السلام): من قنع بما قسمالله له فهو من أغنى الناس.
●قال (عليه السلام): لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.
●قال (عليه السلام): اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير.
●قال (عليه السلام): كفى بنصر الله لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله فيك.
●قال لابنه الباقر عليهما السلام:
"يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم في الطريق.. إياك ومصاحبة الكذّاب فإنه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد ويبعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه يبيعك بأكلة وما دونها وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك فيما أنت أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضّرك وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله"
"يا بني افعل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه وإن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحوّل إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره".
ـــــــــــــ
(1) كشف الغمة للأربلي: ج 2، ص 286.
(2) بصائر الدرجات: ص 96.
(3) الكامل: ج 2، ص 462.
(4) زهرة المقول: ص 16.
(5) كفاية الطالب: ص 454.
(6) إعلام الورى: ص 256.
(7) الإرشاد: ص 244.
(8)لذهبي، العِبَر، ج 1، ص 83.
(9)ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 169؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 392.
(9) ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 169؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 392.
.........
انتهى/278