ويعتبر آية الله الشيخ نمر باقر النمر، شخصية دينية وسياسية سعودية، عرف بحراكه السلمي الجريء المشفوع بالمنطق والايمان والدفاع عن المظلومين والمحرومين، وهو اليوم يدفع ضريبة معارضته ومجاهرته وانتقاده للحكم السعودي، وقضت المحكمة الجزائية بالرياض بالقتل تعزيراً عليه على خلفية اتهامات له بالاساءة للسلطة الحاكمة والتحريض والاصطدام بدورية شرطة والمشاركة في الاحتجاجات ودعم الثورة في البحرين ودعوته الى إعادة تشييد البقيع.
من هو آية الله النمر حسب الموقع الالكتروني لسماحته:
ميلاده ونسبه:
ولد سماحة آية الله الشيخ نمر باقر النمر بمنطقة العوامية - وهي إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية - عام ١٣٧٩هـ، وهو ينتمي إلى عائلة رفيعة القدر في المنطقة، برز فيها علماء أفذاذ أبرزهم آية الله الشيخ محمد بن ناصر آل نمر، وخطباء حسينيون كجده من أبيه: الحاج علي بن ناصر آل نمر المدفون إلى جانب أخيه الشيخ محمد بن نمر بمقبرة العوامية .
دراسته ورحلته لطلب العلوم الدينية:
بدأ دراسته النظامية في مدينة العوامية إلى أن انتهى إلى المرحلة الثانوية؛ ثم هاجر إلى إيران طلباً للعلوم الدينية في عام ١٣٩٩ -١٤٠٠هـ، فالتحق بحوزة الإمام القائم (عج) العلمية التي تأسست في نفس سنة هجرته لطهران، والتي انتقلت بعد عشر سنوات تقريباً إلى منطقة السيدة زينب(ع) بسوريا.
وتتلمذ على يد اساتذة بارزين مثل السيد محمد تقي المدرسي والسيد عباس المدرسي والشيخ الخاقاني في سوريا والشيخ صاحب الصادق في طهران والشيخ وحيد الأفغاني.
وبعد حصوله على مرتبة الاجتهاد شرع في تدريس العلوم الدينية الى جانب العمل الرسالي. وقد تخرجت على يديه ثلة من العلماء الأفاضل الذين مارسوا ويمارسون الأدوار الدينية والاجتماعية والقيادية في مجتمعاتهم.
من سماته:
يتمتع سماحته بخلق رفيع وقوة في تمسكه بمبادئ وقيم الدين الحنيف وتبلورت عملياً في مسيرته الفكرية والجهادية. كما ويتمتع سماحته بنظرة ثاقبة في المستجدات الواقعة، وبرؤية تحليلية دقيقة وموضوعية لمجريات الواقع الاجتماعي والسياسي بما لديه من ثقافة غزيرة ومتنوعة.
نشاطاته ومشاريعه:
لسماحته العديد من النشاطات والمشاريع التي أثر بها على الساحة المحلية والإقليمية بالذات، وكان لبعضها تأثير ملحوظ سواءً على المستوى الديني أو الفكري أو الاجتماعي والسياسي؛ منها: العمل على التوعية الدينية والرشد الفكري في منطقة العوامية عبر إقامة صلاة الجماعة والجمعة وإسهام المرأة واستثمار طاقاتها في المجالين الديني والاجتماعي وإلقاء المحاضرات الرسالية وإقامة الندوات الدينية والعلمية في المنطقة وخارجها وكتابة ونشر الابحاث والمقالات وإنشاء الحوزات العلمية.
وبعد دعواته المكررة لإعادة بناء "بقيع الغرقد" بالمدينة المنورة وما تلاها من استدعاءات للشرطة وتضييقات، قدم في عام ١٤٢٨هـ لنائب أمير المنطقة الشرقية عريضة نموذجية غير مسبوقة تجسد المطالب الشيعية في المملكة، وقد أثنى على هذه المطالب المعارض السعودي "السني" سعد الفقيه، بالرغم من أنه كان يحرض الحكومة في ثنايا مدحه، ويدين علماء السنة ويلفتهم للتعلم من الشيخ نمر كيفية المطالبة وفي أي أمر يطالبون به.
وفي محرم عام ١٤٢٩هـ نادى بتشكيل (جبهة المعارضة الرشيدة)، والتي من وظيفتها ومسؤولياتها - حسب ما ورد في محاضرته تلك - معارضة الفساد الاجتماعي والكهنوت الديني والظلم السياسي الواقع على المواطنين من أتباع أهل البيت عليهم السلام في السعودية.
وفي عام ٢٠١١م ومع سقوط نظامي تونس ومصر وبداية الثورة البحرينية، كسر آية الله النمر الحظر الرسمي الذي فرضته السلطات السعودية على ممارسته للخطابة والتدريس منذ أغسطس ٢٠٠٨م مستفيداً من أحداث ما عرف بالربيع العربي، إذ استهل خطاباته بالحديث عن الحرية السياسية ومحوريتها في التغيير السياسي.
وفي ظل المناخ السياسي الذي عايشته المنطقة مع بداية ٢٠١١م، نظمت مجاميع شبابية في القطيف عدة مسيرات للمطالبة بالإفراج عن تسعة سجناء مضى على اعتقالهم في حينها ستة عشر عاماً وقد عرفوا (بالسجناء المنسيين).
ومع دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين اتسعت رقعة الحراك والاحتجاجات في القطيف فقابلتها السلطة باعتقال المئات من الشباب بتهمة ارتباطهم بالاحتجاجات وقد تصدى آية الله النمر بكل قوة للدفاع عن حق جماهير الشعب في الاحتجاج والتعبير عن الرأي.
وعندما كادت المنطقة على وشك الانزلاق إلى لغة العنف وكانت القوات الأمنية تتهيأ لشن حملة قمعية - معدة سلفاً - على شباب الحراك في العوامية، كانت كلمة الفصل لآية الله النمر الذي دعا فيها شباب الحراك إلى عدم التظاهر في تلك الليلة خاصةً حمايةً لهم ولإفشال مخطط القوات الأمنية مؤكداً في خطابه التاريخي سلمية الحراك إذ دعا شباب الحراك إلى التمسك بزئير الكلمة أمام أزيز الرصاص.
وقد أكدت أحداث أكتوبر ٢٠١١م التي عرفت فيما بعد (بأحداث العوامية) على الموقعية القيادية لسماحته، وبرهنت للسلطة جيداً أن كلمته هي كلمة الفصل وأنه بخطابه السلمي يمثل صمام الأمان الذي يحفظ المنطقة من الانزلاق في أتون العنف.
ومع إصرار السلطة على المعالجات الأمنية باستخدام السلاح التي نتج عنها سقوط العديد من الشهداء، زاد تصعيد النمر من مواقفه وخطاباته والتي عارض فيها بشكل صريح التمييز السلطوي ومصادرة الحريات والاستئثار بالثروات والمناصب.
وفي الثامن من يوليو ٢٠١٢م أقدمت القوات السعودية على اعتقال آية الله النمر بعد أن فتحت عليه الرصاص في كمين نصب له على الطريق العام وهو في سيارته، فأصيب على إثرها بأربع رصاصات في فخذه الأيمن، وقامت باختطافه من موقع الجريمة فاقداً لوعيه لتنقله إلى المستشفى العسكري في الظهران وبعد ذلك إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض ثم إلى سجن الحائر.
وفي مارس من عام ٢٠١٣م بدأت الحكومة السعودية بأولى جلسات محاكمته ومن دون خبر سابق لذويه، وقد طالب فيها المدعي العام بإقامة حد الحرابة (القتل) على آية الله النمر وقد ساق تهماً ملفقة ضده.
وفي ٢٤ من شهر مارس الماضي شهدت اكثر من ٢٠ دولة في العالم وقفات احتجاجية وتضامنية مع آية الله الشيخ نمر باقر النمر من ابرزها نيوزيلندا واستراليا والمانيا وفلندا وبريطانيا والعراق للتنديد بحكم الإعدام والإفراج الفوري عن الشيخ النمر.
وندد المشاركون بحكم الإعدام الصادر بحق الشيخ النمر، وطالبوا بالإفراج عنه وعن جميع المعتقلين السياسيين في السعودية.
وتزامن يوم التضامن العالمي مع آية الله الشيخ نمر باقر النمر مع اليوم الدولي للحق في معرفة حقيقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان الذي حددته الامم المتحدة في الرابع والعشرين من شهر مارس اذار من كل عام.
وبدأت فعاليات المطالبة بإطلاق سراح الشيخ النمر من نيوزلندا التي شهدت اعتصاما امام القنصلية السعودية في اوكلاند عرضت خلاله صور الانتهاكات التي تمارسها السلطات السعودية بحق شعبها الاعزل، إضافة الى صور المعتقلين وحالة التعذيب التي يتعرضون لها في السجون. في وقت نظمت وقفة مماثلة أمام الملحقية السعودية رفعت خلالها صور الشيخ المعتقل وصور الناشط رائف بدوي المحكوم عليه بالسجن ١٠ سنوات والجلد الف مرة، مطالبين العالم بتحمل مسؤولياته تجاه الاعتقال الذي وصفه بالظالم.
وأما في أستراليا فقد اعتصم المحتجون أمام مبنى البرلمان الأسترالي، مطالبين الحكومة الإسترالية بالضغط على آل سعود لإطلاق سراح الشيخ النمر.
الاحتجاجات توالت لتصل الى بريطانيا التي شهدت اعتصاما امام السفارة السعودية في العاصمة لندن، مرددين شعارات تندد بحكم الإعدام.
قطار الاعتصامات طال ايضا المانيا بعدما نظمت الجالية العربية والاسلامية وقفة احتجاجية امام السفارة السعودية في العاصمة برلين طالبت خلالها بوقف حكم الإعدام والإفراج الفوري عن الشيخ المعتقل وعن جميع المعتقلين السياسيين.
فنلندا هي الاخرى انضمت الى قطار الاحتجاجات العالمية حیث طالب خلالها المحتجون الامم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف حكم الإعدام بحق الشيخ النمر والإفراج الفوري عنه وعن جميع المعتقلين.
وفي مدينة كربلاء وسط العراق نظم اعتصام حذر فيه المعتصمون الرياض من مغبة تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ النمر، مطالبين بإطلاق سراحه فورا دون قيد او شرط.
من جانبها، اعتبرت المنظمة الاوروبية السعودية لحقوق الانسان، أن عدم البت بالحكم حتى الآن يساهم مجدداً في إثارة قلق المجتمع الدولي ازاء هذا الحكم الذي وصفته ببالغ الخطورة. ولفت رئيس المنظمة علي الدبيسي الى سعي منظمات حقوقية ودولية، لتنظيم فعاليات لإدانة قرار حكم الإعدام بحق الشيخ النمر في مجلس حقوق الانسان بجنيف.
وقد أدانت المنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الانسان والبلدان المختلفة محاكمة الشيخ النمر وحذرت من تداعيات إعدامه وأكدت ان القضاء السعودي قد انتهكت قواعد وأصول حقوق الانسان والمعايير الدولية في هذا المجال.
*موقع الوقت
انتهىhttp://ar.shafaqna.com/