وأردف قاسم "ما من حكومة من حكومات الأمَّة إلَّا وتسمع فيها أنها تحظى بولاء شعبها، والمفروض ألّا يكون المعنيّ هو ولاء العبودية وإنما الولاء القائم على رضا الأحرار، والأحرار لا يكون لهم رضا ولا ولاء لمن يسلب منهم حريتهم وإرادتهم في مصادرة قهرية ويُحكم إرادته في واقعهم ومصيرهم، ودعوى هذه الحكومات أن شعوبها مستعدة دائماً للتضحية في سبيلها حرصاً على بقاء الحكم الرشيد، والسلطة الساهرة على مصلحتها".
وتابع "هذا الكلام من السلطات ونظراً إلى أن الشعوب الحرّة الواعية لا تعطي ولاءها لمن يفرض نفسه عليها فرضاً بالقهر والقوة ويكرهها على الرضوخ لسلطته يتضمن اعترافاً بأن مرجعية الحكم هو الشعب وأنه لاختيار الشعب لهذه السلطة وموافقتها لإرادته فهو يعيش الولاء لها".
وأكمل "ومن ناحية وفاء السلطات بحقوق شعوبها فيما دون حق مرجعيتها وبغض النظر عن اعترافها لها بهذا الحق وعدمه، لا حكومة إلّا وتدّعي أنها ساهرة على مصلحة شعبها، موفّرة له كلّ ما في مقدورها من أمن ورخاء، وأنها لا تألو جهداً في إقامة العدل، والأخذ بالمساواة والإنصاف ومراعاة الحق الديني والاجتماعي والثقافي والخلقي والمعيشي والخدمي وكلّ حقّ آخر من حقوق المواطنة ولكن من الناحية العمليّة لا اعتراف من الكثير الكثير من هذه الحكومات بمرجعية شعب، ولا بالأكثر من حقوقه".
وواصل "الواقع المقام على الأرض يتحدث بلغة أخرى فلا مرجعية إلا للسلطة حتى بالنسبة لأنظمة قامت على كتف ثورات تطالب بالديموقراطية فمسألة الانتخاب إذا وجدت عندها فهي صورية احتيالية تعتمد التزوير والدعاية الكاذبة والتهديد والوعيد والمال السياسي وشراء الذمم لتأتي العملية الانتخابية بما يضمن لها تبوأ السلطة وتثبيتها لصالحها، وعلى مستوى الحقوق الأخرى تجد الظلم الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني والخدمي والإداري والاقتصادي والمحاربة في الرزق والاستئثار بالثروة، والإذلال للنّاس والمطاردة الأمنية واكتظاظ السجون وألوان التعذيب لنزّالها والقتل وسحب الجنسيات والتهجير وأنواع الانتهاك الأخرى مما تمارسه هذه السلطات التي تعلن عن سهرها على مصلحة الشعوب وإقامة العدل فيها".
وختم آية الله قاسم بيانها بالقول "وللبحرين حظّ ضخم من هذا الواقع المرير الذي نعيشه على مدى الأربع والعشرين ساعة كل يوم. هذا الواقع لا ينعكس على الأوطان إلّا بالتمزق الداخلي والضعف والحاجة إلى الاستجداء وطلب الحكومات الحماية من الخارج من سخط شعوبها وظاهرة الإرهاب وتغذيتها وانشغال كل من طرفي الحكومة والشعب باستهداف الآخر"، متسائلاً "فمتى يكون عقل؟ ومتى تكون حكمة؟! ومتى تكون بصيرة؟! متى تسمع كلمة الدّين، ومتى يستيقظ الضمير؟! ومتى يحسب لمصلحة وطن وحق مواطن ويحترم الإنسان؟!" على حد قوله.