Sunday 24 November 2024

14 August 2023

السيد علي فضل الله: علينا تأمين غطاء داخلي وبناء قوانا الذاتية من خلال وحدتنا وتضامننا وحسن تخطيطنا

شدد العلامة السيد علي فضل الله في خطبة صلاة الجمعة على ايجاد حلول للازمات التي تمر بها لبنان وتوجه الى العالم العربي مطالبا الحكومة في البحرين للرجوع الى طاولة الحوار لحل الازمة هناك وحذر الشعب اليمني من مغبة الانزلاق في الفوضى


ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: "أقفل هذا الأسبوع على عدد من القضايا، والبداية من لبنان، حيث يزداد التحدي لهذا البلد من حدوده الشرقية، في ظل ما تكشفه المعلومات الأمنية من استعدادات يقوم بها المسلحون على هذه الحدود، لتهديد القرى اللبنانية، والاستنزاف شبه اليومي للجيش اللبناني هناك، والذي يأتي، مع الأسف، في ظل الترهل الذي يعانيه الواقع السياسي، والذي لا يقف عند حدود عدم وجود رئيس للجمهورية، أو انتظام عمل المجلس النيابي، بل وصل إلى المؤسسة التي تدير شؤون هذا البلد ومصالح الناس، حيث تغرق القوى السياسية في السجال حول كيفية اتخاذ القرارات في الحكومة، وكأن البلد بألف خير، وكأن أموره تسير على ما يرام، فلا يوجد تهديد اقتصادي ولا أمني ولا سياسي ولا معيشي، ولا توجد أزمة وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، ولا كل ما ينتظر هذا البلد من استحقاقات".

وتابع: "إننا أمام هذا الواقع، نعيد دعوة القوى السياسية جميعا إلى أن تكون على مستوى التحديات التي تواجه هذا البلد، وآلام الناس ومعاناتهم، وإلى الإسراع في الخروج بصيغة حكومية تضمن سير عمل هذه المؤسسة المتبقية، لتقوم بدورها، وتؤمن مصالح الناس، بعيدا عن كل الحسابات الخاصة والضيقة والآنية".

وقال: "وهنا، نقدر عمل كل القوى التي تسعى لتسهيل قيام الحكومة بهذا الدور، في الوقت الذي نعيد الدعوة إلى الإسراع في تأمين متطلبات الدفاع للجيش اللبناني، لمواجهة التحدي الخطير الذي يواجهه، والذي عجزت عن مواجهته جيوش أخرى أكثر قدرة وتجهيزا".

واضاف: "وعلينا في ظل كل هذه المتغيرات التي تشهدها المنطقة، أن لا نستكين لغطاء دولي أو إقليمي لا يزال يظلل الساحة اللبنانية، بقدر ما نسعى إلى تأمين غطاء داخلي وبناء قوانا الذاتية، من خلال وحدتنا وتضامننا وحسن تخطيطنا، لإدارة هذه المرحلة الصعبة والمعقدة التي يمر بها لبنان والمنطقة".

وتابع: "إلى اليمن، حيث تزداد المخاوف على هذا البلد من تفاقم الصراع فيه واشتعال حرب أهلية، جراء التجاذبات الداخلية التي تتخذ طابعا مناطقيا بين الشمال والجنوب، أو طابعا قبليا أو مذهبيا، والتدخلات الإقليمية في هذه المنطقة ذات الطابع الحساس والاستراتيجي، ما بات يؤكد ضرورة العودة إلى طاولة الحوار لمعالجة كل القضايا، حتى لا يغرق اليمن في أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، ولا يكون فريسة التدخلات الخارجية والمجموعات التكفيرية، التي تعتاش على الفتن الداخلية، وتستفيد منها".

واضاف: "إلى البحرين، الذي لا نزال ننتظر فيه مبادرة من السلطات تساهم في تخفيف التوتر والاحتقان، من خلال إطلاق سراح الشيخ علي سلمان وبقية المعتقلين، والعودة إلى حوار داخلي جاد يبعد هذا البلد عن صراع الداخل وتدخلات الخارج. إننا نرى أن الحل في البحرين في يد سلطاته، فالقوى المعارضة تطالب بحقوق طبيعية، لكي يشعر إنسان هذا البلد بإنسانيته وكرامته وبحريته، ويكون الجميع على قدر من المساواة".

وقال: "نعود إلى فلسطين، لنذكر مجددا بمعاناة الشعب الفلسطيني، الذي نخشى أن ينسى وسط كل ما يجري في المنطقة، حيث يستمر العدو بممارساته ومخططاته المتمثلة في الاستيطان والقتل والاعتداءات على المساجد والكنائس، كما حصل أخيرا، والاستهداف المستمر للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين، فيما يشدد الحصار المالي على السلطة الفلسطينية، والذي يهدد لقمة عيش الشعب الفلسطيني، كما يهدد مؤسساته، إضافة إلى الحصار الدائم لغزة".

ورأى ان "كل هذا الواقع بات يدعو إلى وحدة الموقف في الداخل، ووقفة للدول والشعوب العربية والإسلامية مع هذا الشعب، حتى لا يستفرد العدو به، ولا تستمر معاناته، وحتى لا تسقط قضيته التي ينبغي أن تبقى القضية الأساس في وجدان كل العرب والمسلمين، مهما تعقدت أزماتهم، وكثرت معاناتهم".

وقال: "أخيرا، تكثر في هذه الأيام المؤتمرات التي تعقد في مواجهة الإرهاب، الذي بات يعبث بوحدة العالم العربي والإسلامي، ويهدد مكونات هذا العالم من مسلمين ومسيحيين وأيزيديين، إضافة إلى الآشوريين مؤخرا. إننا في الوقت الذي نؤكد أهمية هذه المؤتمرات، ولا سيما عندما تنطلق من قيادات لها وزنها وحضورها في الساحة الدينية أو الثقافية أو السياسية، نعتبر أن الأمر بات بحاجة إلى أكثر من مؤتمرات، فثمة حاجة إلى النزول إلى أرض الواقع، لمعالجة الأسباب التي تدعو شبابا وفتيات إلى ترك أماكن استقرارهم، والانخراط في تلك المجموعات، وهو الأمر الذي يستدعي دراسة وافية وعميقة للدوافع التي تكمن وراء ما يقوم به هؤلاء".

وسأل "هل هذه الدوافع تتصل بشعور حاد بالتهميش الذي يتعرض له المسلمون في العالم، أو هي دوافع مذهبية، ورد على ظلم أو إجحاف يشعر به هذا المذهب أو ذاك؟ وهل هي رد فعل على ظلم موجود في هذه الدولة أو تلك، أو تعبير عن احتجاجات كبيرة على عدم قدرة القيادات المدنية والسياسية على تحقيق الطموحات، أو أن الأمر يتعلق بفهم هش للاسلام أخذ يسود بفعل ضعف البنى الفكرية والفقهية للعاملين في المؤسسات الدينية؟"

وختم: "إن الأمر في يد أصحاب القرار الديني والسياسي، الذين ندعوهم إلى عدم إبقاء المواجهة في دائرة البيانات والإعلام والمؤتمرات، بل إلى معالجة جذرية لهذه الظاهرة الخطيرة، التي لن تستطيع الأساليب العسكرية أو الحصار الاقتصادي أن يلغيها، بل قد تزيدها هذه الإجراءات قوة وامتدادا، إن لم نبادر إلى معالجتها معالجة جذرية وعميقة".

 
نهاية الخبر - وکالة رسا للانباء