قبلَ مئات السنين، خرجَ الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، طالباً الإصلاح في أمة جدهِ (صلواته تعالى عليه وأله)، حتى باتت تلك الملحمة أساساً للمفاهيم الرائعة، التي جسدّت الثورة والوفاء والشجاعة والعطاء، وكرّست مسميات عظيمة، وضعت أثرها في كل الإنسانية، وغادرت النطاق الضيق للثورات سابقاً ولاحقاً.
ومنذ ذلك اليوم، كانت أربعينية الإمام الحسين (عليهِ السلام)، مناسبة لتذكّر تلك القيّم، ودراسة سلوكها، والتخلّق بأخلاق الثائر العظيم، الذي وضعَ بصمة واضحة في طريق الإصلاح الإنساني، وهكذا؛ كانت المسيرة الراجلة على طول بلاد الإسلام تستذكِر وتتعض، مخلصةً بذلك لصاحب الذكرى.
حاولَت الأنظمة القمعية في بلاد المسلمين عامّة، وفي العراق خاصة، محو أثر أهل البيت (عليهم السلام)، متحدين بذلك حديث السيدة زينب (عليها السلام)، في قصر الطاغية الأول يزيد، “فوالله لن تمحو ذكرنا“، ليكون معسكر الأربعينية شاهداً ومناصِراً لذلك العهد، ففشلت كل محاولاتهم الوحشية، وعادت المسيرة الخالدة لتتصدر المشهد، فيما ولّى الطغاة الذين التحقوا بجدهم يزيد في نارٍ خالدة.
أعظم ضيافة، وأروع مسير، وأكثر المظاهرات أدباً، وأكثرها تمسكاً بالقوانين، فلا وجود لمظاهر الشيطان في الأربعينية، كلها تخدم، وكلها تسير، وكلها تعلن بإخلاص مناصرة الحق وأهلهِ، لا يوجد صغير وكبير في معسكر الأربعينية، الجميع سواسية في تعظيم الشعائر، لإنهم مدركين جيداً إنها من تقوى القلوب.
إن اتباع أهل البيت (عليهم السلام)، كانوا على درجة كبيرة من الوعي والمسؤولية، فقد تحملوا المخاطر المصاحبة للتغيير في العراق، من إرهابٍ تكفيري ممنهج، أستهدفَ الزائرين والمواكب والعتبات، ومعَ كل ذلك؛ بقيت المسيرة تزداد يوماً بعد يوم، كما أزدادت أمتار الطريق، فقد خرجَ أنصار الحسين (عليه السلام)، من دولٍ مجاورة مشياً على الأقدام، يريدون بذلك نصرة قائدهم وملهمهم.
الجانب الآخر؛ صمَّ أذنيهِ وغلقَ عينيه، فكل العالم يعرف إن هذه المسيرة لن تموت، ويدرك إن ما تحويه من مفاهيم صادقة ومخلصة لا تتكرر، إلا بها في كل عامٍ، ومعَ ذلك فأنه لا يريد تبيانها، إعلامياً ومجتمعياً، هذا لإن الحق دائماً يصعب تقبلهُ، أو لغاياتٍ أخرى نسأل عنها أهل التطرف والنفاق، احفادَ الصهيونية!
مسیح حسن
شفقنا