Saturday 23 November 2024

14 August 2023

السيد فضل الله : نحن بحاجة إلى أن نجري مراجعة لتحديد المعيار الصحيح الذي نميز فيه بين العدو والصديق

قال السيد فضل الله "نحن بحاجة إلى أن نجري مراجعة لتحديد المعيار الصحيح الذي نميز فيه بين العدو والصديق.. وأحسب أننا أخطأنا عندما استبدلنا العدو بالصديق، بحيث بات عدونا هو هذا البلد العربي أو ذاك الإسلامي، قد يكون لهؤلاء أخطاؤهم، لكن لا يجوز أن نضيع البوصلة".


أقامت "جمعية المبرات" الخيرية حفل إفطارها السنوي في مجمع الكوثر ومبرة السيدة خديجة الكبرى، بحضور حشد من الفاعليات السياسية، الدينية، العسكرية الثقافية، الحزبية، الاجتماعية ورجال الأعمال.

وألقى العلامة السيد علي فضل كلمة أشار في بدايتها إلى أننا "مدعوون إلى ورشة إنسانية روحية إيمانية في هذا الشهر المبارك، حتى نتمكن من أن نتحرر من أخطاء الماضي، وأن نكون قادرين على مواجهة تحديات المستقبل، حيث تهتز الأرض تحت أقدامنا".

 

أضاف: "الأمة الواعية الجديرة بامتلاك المستقبل هي التي تتقن مراجعة ماضيها، وتعترف بأخطائها، وتعمل على تجاوزها، فنحن أحوج ما نكون في هذه المرحلة إلى إجراء مراجعة فكرية، وإلى أن نعيد النظر فيما حملنا من موروث، وأن نصفيه من كل ما علق به، ومن كل ما ساهم في ترهلنا وضعفنا، ونراه اليوم وقد تحول إلى سهام تهدد بالموت كل مواقعنا، أن تكون لنا الجرأة في ذلك".

 

وقال:"إن الغلو والتعصب والإلغاء والإقصاء، لم يتغذ على فكر أصيل يحمل صفاء ما جاء به الأنبياء والرسل والديانات ونقاءه، مما لا يزال العالم يشهد بإنسانيته ورحمانيته ورحابته وانفتاحه وحواريته، بل يتغذى على ما طرأ على هذا الفكر، من الذين أدخلوا إليه جهلهم وحقدهم وبغضهم، وممن أرادوا أن يمسخوا هذا الدين بالعقل القاصر، وبالعصبية المقيتة، ليدخلوه في الكهوف والزنازين التي يريدوننا أن نعيش فيها".

 

تابع: "إننا هنا بحاجة إلى مراجعة سياسية تدفعنا إلى إعادة النظر بكل هذا الواقع السياسي المترهل الذي أفسح المجال لكل ما نعانيه من هزائم وإحباطات وركود وتخلف. هذا الواقع الذي منحناه قداسة لا يمتلكها.. واقع النظام الطائفي.. سلطة الفرد الواحد.. ونظام الاستئثار والمحسوبيات والمحاصصات.. لقد رسمنا خطوطا حمراء لحماية كل هذا التخلف الذي جعل كياناتنا فاقدة للمناعة التي تؤهلها لحفظ الأوطان من كل عناصر الضعف والتمزق والانقسام والتطرف والإرهاب".

 

واشار الى انه "نأتي بعد ذلك لنحمل مسؤولية كل ذلك لهذه الدولة الإقليمية الكبرى أو تلك، ولكن من جلب كل هذه التدخلات الدولية أو الإقليمية؟ إن الجسم الضعيف المترهل هو الذي يسمح بكل ذلك، ويمنح الفرصة لكل من يريد الاختراق أو العبث أو الهيمنة أو السيطرة على الناس والبلاد، ونقول لكل الذين يتحدثون عن تدخلات تحدث هنا أو هناك تحدثوا عما يزيل أسبابها".

 

واشار "الى انه ما هو ضروري للمراجعة، هو طريقة معالجتنا لخلافاتنا، سواء في كيفية إدارة هذه الخلافات أم في ترتيب الأولويات. إننا بحاجة إلى مراجعة أسلوب إدارتنا للخلاف، الخلاف لم يكن أبدا مشكلة، الخلاف هو الأمر الطبيعي، وهو غنى للفكر وللمجتمع، ولكن المشكلة في أسلوب إدارة الخلافات والصراعات. نختلف فنضع المتاريس، وكل يصوب النار في اتجاه الآخر ولا يصغي إليه.. النار المادية... ويتجه إلى الخطاب الانفعالي بإثارة أحقاد التاريخ وضغائنه، بحيث نكون جاهزين للفتن... وتكون أيدينا دائما على قلوبنا خوفا من فتنة بين سنة وشيعة، وأخرى إسلامية مسيحية، وأخرى قومية...".

 

وأكد "أننا بحاجة إلى أن نعيد النظر في أولوياتنا، وأن نجعل الانفتاح والوحدة من أولوياتنا في هذه المرحلة، سواء الوحدة الوطنية أو الإسلامية أو العربية... في مقابل هذا الانقسام المستشري الذي شحن النفوس والعقول بكل ألوان الحقد والإقصاء...".

 

وأردف: "نحن بحاجة إلى أن نجري مراجعة لتحديد المعيار الصحيح الذي نميز فيه بين العدو والصديق.. وأحسب أننا أخطأنا عندما استبدلنا العدو بالصديق، بحيث بات عدونا هو هذا البلد العربي أو ذاك الإسلامي، قد يكون لهؤلاء أخطاؤهم، قد يشكل هذا الطرف أو ذاك مشكلة، لكن لا يجوز أن نضيع البوصلة".

 

وأكد "أننا بحاجة إلى مراجعة لكل خطابنا الديني والسياسي، أن نستبدل بهذا الخطاب الموتر والمتوتر الخطاب العقلاني الهادئ، مشيرا "إلى أن العواصف العاتية التي تهب على لبنان تستدعي مراجعة لأدائنا السياسي ولخطابنا، لكيفية تعاملنا مع كل التفاصيل التي تستغرق منا الكثير، وأن ندرس المواقف من زاوية مصلحة الوطن، لا من زاوية مصلحة هذه الجماعة، أو الطائفة، أو المذهب، أو هذه الدولة".

 

وختم قائلا: "لن تسلم الطائفة ولا المذهب، أو لن يسلم هذا أو ذاك، إذا لم يسلم الوطن، علينا أن نفكر جيدا في إنسان هذا البلد الذي من حقه علينا أن نشعره بالأمان الداخلي، إن لم نستطع أن نحقق له الأمان الخارجي، أيعقل أن نعيش في بلد لا مؤسسات فيه، أو بلد يضج بالاتهامات والاتهامات المضادة أو التخوين والتخوين المضاد".

 
نهاية الخبر - وکالة رسا للانباء